المعماري جعفر طوقان: رؤية معمارية تجمع بين الحداثة والهوية التراثية
استطاع المعماري جعفر طوقان من خلال رؤيته الفنية أن ينسج جسرًا بين الحداثة والتراث، معتمدًا على فلسفة تصميمية تُعبر عن الهوية الثقافية وروح المكان.
نبذة عن حياته ومسيرته:
مهندس معماري أردني من أصل فلسطيني، ولد بالقدس (عام 1938م – وتوفي عام 2014م) وهو ابن الشاعر إبراهيم طوقان. ظهر اسمه في العديد من الأعمال المميزة، فقد عمل في مجموعة واسعة من المشاريع في كل من الأردن وبيروت وغيرها من الدول. وكان رائداً في استخدام المواد والتقنيات المعاصرة في العمارة الإسلامية التقليدية.
- نشأ جعفر طوقان في بيئة غنية بالتراث الثقافي والمعماري، مما ألهمه في سن مبكرة للانخراط في عالم العمارة. بدأت رحلته الدراسية من بيروت، حيث درس الهندسة المعمارية في الجامعة الاميريكية ببيروت.
- تلقى تدريبًا متكاملًا جمع بين النظريات الكلاسيكية وأساليب التصميم الحديثة.
- أُجبِر على الفرار من بيروت في منتصف الحرب الأهلية اللبنانية في أوائل التسعينيات. بعد ذلك شق طريقه إلى ألمانيا، ثم وصل في طريقه في المُستقَر إلى الولايات المتحدة. بعدها بدأ حياته المهنية في المجال المعماري، حيث عمل في النهاية على مشاريع في سان فرانسيسكو ومدينة نيويورك ولوس أنجلوس.
- أدى عمل طوقان في الولايات المتحدة إلى أن يصبح مهندساً معمارياً مرخَّصاً في كل من الولايات المتحدة وكندا. وبفضل خبرته، عمل على عدد من المشاريع في العالم العربي والأجنبي.
فلسفته المعمارية:
تتميز أعماله باستخدامها للضوء الطبيعي، وتركيزها على العلاقة بين الناس وبيئتهم. ودائماً ما يتم تصميم مبانيه لتكون مريحة وعملية، ومع إعادة استخدامها في بعض الحالات.
ساهم أيضاً في إبراز ثقافة وتاريخ المناطق التي تقع فيها. حيث يرى طوقان أن العمارة ليست مجرد إنشاء مبانٍ وظيفية، بل هي تجسيد للهوية والذاكرة الثقافية للمجتمع. يقوم في تصاميمه بما يلي:
- الدمج بين التراث والحداثة:
يعمل على استحضار العناصر التقليدية والرموز الثقافية مع إدخال تقنيات التصميم المعاصر، مما ينتج عنه أعمال تجمع بين الأصالة والابتكار. - التركيز على الاستدامة:
يسعى لاستخدام مواد محلية وتقنيات صديقة للبيئة لضمان استدامة المباني والتقليل من التأثير البيئي. - التفاعل مع البيئة المحيطة:
تُصمم مشاريعه بحيث تتناغم مع السياق الحضري والطبيعي، مما يعزز من العلاقة بين المبنى والمستخدمين.
أبرز مشاريع المعماري جعفر طوقان:
من بين المشاريع التي حقق فيها جعفر طوقان بصمة مميزة:
- مسجد عائشة بكار: في بيروت، إذ قام المعماري بتصميم أسلوب جديد وجريء في تصميم المساجد، وتم تنفيذه في عام 1970 وكان عملا فريداً غير مسبوق.
- مبنى المكاتب الإدارية:
تصميم يجمع بين الجمالية والوظيفية، حيث تم توزيع المساحات بطريقة تحفّز التفاعل بين المستخدمين، مع استخدام واجهات تعكس الهوية البصرية والثقافية للمنطقة. - تصميم مشروع أمانة عمان الكُبرى الجديد، عمان، ونتج عنه تعاون وعمل مشترك مع المهندس راسم بدران.
- جامعة العلوم والتكنولوجيا باربد، حيث أتيحت له فرصة التعاون مع المعماري الياباني كنزو تانج.
- تصميم قرى الأطفال SOS – العقبة. وقد حاز هذا المجمع على جائزة الآغا خان للعمارة عام ٢٠٠١.
يقع هذا المجمع المخصص للأطفال الأيتام في الضواحي السكنية لمدينة العقبة، على ساحل البحر الأحمر.
ومن شروط منظمة قرى SOS الدولية أن يُبنى المجمع ضمن بيئة اجتماعية قائمة، بحيث لا يكون معزولًا عنها. كانت هذه ثاني قرية من هذا النوع تُبنى في الأردن. وقد صممت شركة جعفر طوقان وشركاه جميع هذه القرى الثلاث. يُمثل تصميمها المعماري تفسيرًا حديثًا للمباني الحجرية المحلية التقليدية.
يتجلى حجم القرية في تصميمها المراعي للبيئة، كما يرتبط ببيئتها الحضرية الحميمة. يتألف المجمع من ثمانية منازل عائلية، ومنزل للموظفين، ومبنى إداري، وبيت ضيافة، ومقر إقامة مدير القرية. جميعها مُخططة حول ساحة القرية، وتتصل عبر ممرات للمشاة وحدائق وأزقة. تؤدي الأقواس المقببة إلى ساحات مظللة، وتحيط بالمباني حدائق. تقع المرافق المشتركة مع المجتمع المحلي، وهي روضة أطفال وسوبر ماركت وصيدلية وصالة رياضية، على الحدود الجنوبية للموقع، بالقرب من الطريق الرئيسي.
- مبنى بنك الاردن – عمان.
- ضريح الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات برام الله.
- متحف ياسر عرفات
- المركز الثقافي والتراثي:
يُعد هذا المشروع منصة تجمع بين الأنشطة الثقافية والفنية، حيث يتيح المجال لعرض التراث المحلي بلمسة معاصرة من خلال فضاءات مرنة ومبتكرة. - مبنى نادي ديونز – عمان.
- المجمع السكني الذكي:
مشروع سكني يدمج بين التصميم العصري والتكنولوجيا الذكية، مع التركيز على توفير بيئة سكنية مريحة ومستدامة تواكب احتياجات العصر. - فندق ومنتجع ماريوت – البحر الميت في الأردن.
- ابراج اللــــؤلــــــؤ: هو مشروع سكني كبير يقع في المنامة عاصمة مملكة البحرين. ويتكون المشروع من ثلاثة أبراج كبيرة، برجان يتكونان من 50 طابق والبرج الثالث يتكون من 40 طابق. وستوعب برج اللؤلؤ الذهبي (360 شقة)، برج اللؤلؤ الفضي (360 شقة)، وبرج اللؤلؤ الأسود (132 شقة).
- يغطي المشروع بأكمله مساحة 23،230 متر مربع وبلغت تكلفة بنائه 251 مليون دولار أمريكي (94.878 مليون دينار بحريني). الأبراج أنجزت في مارس 2009 ويمكن أن تستوعب أكثر من 1100 سيارة في مواقف السيارات ذات الأربع طوابق.
- قام بتنفيذ المشروع شركة الحمد للإنشاء والتطوير تح إشراف المصمم المعماري: جعفر طوقان بالتعاون مع كلا من: كوي المؤيد. وحبيب مودارا.
تأثيره وإرثه في العمارة:
ساهم المعماري جعفر طوقان من خلال أعماله في تجديد الحوار بين العمارة التقليدية والحديثة، مؤكدًا أن التصميم الناجح يجب أن يحترم جذور الماضي وفي الوقت ذاته يستجيب لتحديات الحاضر والمستقبل. وقد نالت مشاريعه تقديرًا على الصعيدين المحلي والدولي، مما جعله رمزًا للإبداع والابتكار في المشهد العمراني المعاصر.
الإنجازات التي حققها المعماري جعفر طوقان في مسيرته:
بعد هذا النجاح، وصل المعماري طوقان إلى العالمية عندما ظهرت أعماله في منشورات مثل نيويورك تايمز والغارديان. كما حصل على العديد من الجوائز المرموقة، منها:
- جائزة World Habitat Award في العقبة.
- جائزة آغا خان للعمارة لعام2001م
- جائزة منظمة المدن العربية 1992.
- جائزة المدينة المنورة للعمارة السعودية لعام 1997م.
- جائزة فلسطين للعمارة لعام 1999-2000م.
- بالإضافة إلى حصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية في العمارة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 2011م تقديراً للإنجازات المعمارية التي حققها في الأردن والمنطقة العربية.
- ويمكن أن نرى أعمال طوقان في منشورات مثل نيويورك تايمز، وذا جلوب آند ميل، وArchitectural Digest.
خاتمة
يظل المعماري جعفر طوقان مثالاً حيًا على كيف يمكن للعمارة أن تكون لغة تواصل بين الأجيال، حيث يدمج بين روح التراث واحتياجات العصر. إن أعماله تشكل مرجعًا يلهم المعماريين الشباب وتسهم في بناء مستقبل حضري يُعبّر عن هوية المجتمع ويحقق التوازن بين الماضي والحاضر.
تُعكس هذه اللمحة جوانب من مسيرة جعفر طوقان ورؤيته التصميمية؛ وهي دعوة لاستكشاف المزيد من إسهاماته التي تضيء طريق العمارة المعاصرة في الوطن العربي.
