مراحل نشأة الطب الإسلامي: جاء الاسلام بمفهوم جديد للمرض والعلاج يختلف جذريا عن مفهوم الديانات السابقة له … فمعظم الديانات الاخرى كانت تنظر الى المرض على انه عقاب من الله يصيب الانسان جزاء له على معصيه ارتكبها وبهذا المفهوم يقتصر العلاج على رجال الدين الذين يقومون بطقوس ودعاء لطرد شيطان المرض .. وفى العصور الوسطى فى اوروبا كان الناس يمتنعون عن العلاج والدواء ومراجعة الاطباء ويعتبرون ذلك تحديا لارادة الله .. وكان الاطباء والعلماء يُحاكَمون و يُحرَقون بتهمة الهرطقة .
وفى ذلك يقول برناندشو فى كتابة ( حيرة الطبيب ) ان المسيحيين كانوا يطيعون هذه التعاليم طاعة عمياء ويستغنون عن الاطباء حتى اضطرت انجلترا الى استصدار قانون فى القرن التاسع عشر يقضى بتوجيه تهمة القتل الى كل اب يموت احد ابنائه من المرض لعدم عرضه على الطبيب .
🕰️ مراحل نشأة الطب الإسلامي
1. المرحلة الأولى: الطب في صدر الإسلام (القرن 1 هـ / 7 م)
وعندما جاء الاسلام جاء بالرحمة ومن دواعي الرحمة مداواة المريض والتخفيف عنه وعلاج ما يشكو من الام واعتبر ان المرض قضاء الله وقدره يصيب الناس جميعا..المحسن منهم والمسىء .. وامر الناس بالبحث عن الدواء الجيد بل وجاء بالوقاية قبله وطالبهم بزيارة الطبيب المختص واهتم الاسلام بعلم الطب اهتماما بالغاً.
✅ أهم ملامح الطب في صدر الإسلام:
- الاعتماد على الطب الشعبي البسيط (الأعشاب، الكي، الحجامة).
- الأطباء كانوا قليلين، والنساء كنّ يعالجن خاصة في الحروب.
- الاهتمام بالأخلاقيات الطبية (الرفق بالمريض، النظافة، العزل).
🔹الإشارات الطبية في السنة النبوية:
تحدث الرسول الكريم صلوات الله وسلامة علية في الطب والصحة والمرض والوقاية من العدوى وفي فضائل الاطباء حتى تجمعت للرواة احاديث كثيرة في هذا الباب جمعت و سميت بعد ذلك بالطب النبوى، وهي مجموعة النصائح والهدي المنقولة عن النبي محمد في الطب الذي تطبب به ووصفه لغيره، وصلتنا على شكل أحاديث نبويه شريفه، بعضها علاجي وبعضها وقائي.
وتناولت علاج أمراض القلوب والانفس والابدان والارواح، منها ما هوعلاج بالادويه الطبيعية ومنها ما هو علاج بالادويه الروحانيه وألأدعية والصلوات والقرآن. جمع تلك الوصايا بعض المتقدمين وأهمهم ابن قيم الجوزية، ومن الاحاديث التى تحث على التداوى وربط الاسباب بالمسببات قولة صلي الله علية وسلم:
- ” لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بأذن الله عز وجل” – أخرجة أحمد (3/335) ومسلم (7/21).
- ” ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء” – أخرجة البخارى (7/158 وابن ماجه (3439).
- عن أسامة ابن شريك، قال: كنت عند النبى صلى الله علية وسلم وجاءت الاعراب، فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال:نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد، قالوا ما هو؟ قال: الهرم، وفى لفظ: إن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله “.أخرجة ابن ماجه (3436).
وبذلك نفى الاسلام عن رجال الدين سلطة علاج الناس واعترف بالطب والاطباء والادوية الناجحة ولم يكتفى الاســـــــلام بهـذا ..بل وضع القواعد لخلق مجتمع صحى منيع ضد الامراض بالحث على النظافة فى البدن والطعام والبيوت والشوارع وبيّن المواد الضارة بالصحة وجعلها من المحرمات .. وحث الناس على العناية باجسامهم وصحتهم واعتبر ذلك من الايمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
🔹عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان )) – صحيح مسلم (4/2052)
المؤمن القوي، تعني أنه ذو بنيةٍ قوية، لأن المؤمن القوي في بنيته يستطيع أن يؤدي العبادات التي فرضها الله عليه، يستطيع أن يقوم بالنوافل، يستطيع أن ينفع الناس، أن يعينهم، فالقوة إذا سُخِّرت في الإيمان ما أروعها.
النبي عليه الصلاة والسلام لم يفصل القوة عن الإيمان، إذ لو انفصلت لكانت القوة أداة شر، وأداة تدمير، قال: “المؤمن القوي” فالقوة يجب أن يسبقها الإيمان كي توجه توجيهاً صحيحاً، أما القوة البدنية، فإذا كان إنسان قوي، رياضي، له تدريبات قاسية جداً، له عضلات مفتولة، دَرَّب عضلاته على رفع أثقال، هذه القوة لو أنه استخدمها للعدوان على الناس، أو لإرهابهم، أو لأخذ ما ليس له بحق، إنه قوةٌ شريرة. ولكن المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف..
وفى الطب الوقائى يرى جمهور العلماء منع القدوم على بلد الطاعون ومنع الخروج منه فرارا من ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” الطاعون آية الرجز ابتلى الله عز وجل به أناسا من عباده، فإذا سمعتم به فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه ” أخرجه البخاري كتاب الطب أجر الصابر في الطاعون (7 / 169 / 170)
🔹 أمثلة:
- الشفاء بنت عبد الله: كانت تعالج النساء وتُدرّس الطب.
- الطب النبوي: ظهر لاحقًا كنوع من التوجيه الوقائي والعلاجي
2. المرحلة الثانية من مراحل نشأة الطب الإسلامي: عصر الترجمة والانفتاح (القرن 2–3 هـ / 8–9 م)
✅ التحول الكبير بدأ في عهد:
- الخليفة العباسي المنصور وبلغ ذروته مع هارون الرشيد والمأمون.
✅ أبرز الإنجازات:
- تأسيس بيت الحكمة في بغداد (مركز ترجمة ضخم).
- ترجمة كتب الطب اليوناني (جالينوس، أبقراط)، والهندي والفارسي إلى العربية.
- بدأ العلماء المسلمون في دراسة الطب بشكل علمي.
👨⚕️ أبرز المترجمين:
- حنين بن إسحاق (نصراني عربي) – ترجم أكثر من 100 كتاب.
- ثابت بن قرة – ترجم وشرح أعمال طبية وفلكية.
3. المرحلة الثالثة من مراحل نشأة الطب الإسلامي: الإبداع والتطوير (القرن 4–6 هـ / 10–12 م)
✅ أهم ما يميز هذه المرحلة:
- لم يعد المسلمون مجرد ناقلين، بل أصبحوا مؤلفين ومبتكرين.
- كتبوا موسوعات ضخمة في الطب، وأنشأوا المستشفيات، وبدأوا الطب التجريبي.
👨⚕️ أهم العلماء:
- الرازي: أول من فرّق بين الحصبة والجدري.
- ابن سينا: ألّف “القانون في الطب”.
- الزهراوي: مؤسس علم الجراحة.
- ابن النفيس: مكتشف الدورة الدموية الصغرى.
4. المرحلة الرابعة: الانتشار والتأثير العالمي
✅ تأثير مراحل نشأة الطب الإسلامي في أوروبا:
- كتب الطب الإسلامي تُرجمت إلى اللاتينية.
- دُرّست في جامعات أوروبا (مثل مونبلييه وساليرنو).
- استمرت مرجعًا لقرون طويلة حتى عصر النهضة.
🧠 الخلاصة
- الطب العربي الإسلامي بدأ بسيطًا، ثم تطوّر إلى علم عالمي مؤسس على الترجمة، البحث، والملاحظة.
- المسلمون لم يكونوا فقط نقَلة علم، بل أبدعوا وابتكروا وأسّسوا لنهضة طبية حقيقية أثرت في العالم.
وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة
في الحلقة القادمة والي هنتحدث فيها عن: ابن سينا شيخ الأطباء في الحضارة الإسلامية فانتظرونا.
المراجع:
للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:
الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257
اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031
التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1
الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/